من رموز الشّريط السّاحليّ بحمّام الأغزاز التي ما زالت شاهدةً على
مرور حدث عالميّ عظيم وهو الحرب العالميّة الثّانية بجوارنا: المدمّرة البريطانيّة
"هافوك" (في 6 أفريل 1942)، وغير بعيد عنها في أعماق سيدي منصور أيضا
السّفينة الحربيّة البريطانيّة "مانشستر" التي غرقت يوم 13 أوت 1942 بعد
أن أصابتها سفن حربيّة إيطاليّة.
وقد علقت بـ"هافوك" أيضا سفينة صيد جزائريّة يوم 4 أكتوبر
2013 لتحلَّ محلَّها وتفتكَّ منها رمزيّتها بعد سبعين عاما من الصّمود.
ونذكر من هذه السّفن على
سبيل المثال: "شقف الجّرابة" وهي سفينة شراعيّة تحمل اسم:
"تونيزيا" وقد غرقت صبيحة يوم الأربعاء 18 أكتوبر 1911 بعد أن سافرت من
ميناء حلق الوادي يوم الخميس 12 أكتوبر متّجهة إلى جربة وقد خرج منها الرّايس:
شعبان بن جمعة بن بوزيد الجربي سالما مع 4 من طاقم السّفينة واثنيْن من الرّكّاب.
أمّا البقيّة وهم تسعة ركّاب فقد غرقوا جميعا (ومنهم ابن الرّايس) ودُفنوا في
مقبرة ستّي مريم في مكان مستقلّ يُسمَّى إلى اليوم "جبّانة الغرباء".
وإليكم هذا المقال
عن المدمّرة "هافوك" الذي كنّا قد كتبناه ونشرناه يوم 28 أوت 2013 في
"دمنة":
في يوم 6 أفريل من
سنة 1942 جنحت الباخرة الحربية الانجليزية (أو المدمِّرة Destroyer) HMS Havock
(H43) إلى شاطئ سيدي منصور وعلقت برماله معلنة انتهاء
رحلتها التي لم تدم طويلا منذ تاريخ صنعها بمدينة Dumbarton
السكتلندية يوم 16 جانفي 1937، وقد كلفت الجيش البريطاني آنذاك 248470 جنيها
استرلينيا.
"هافوك"
هي التسمية الجرمانية لكلمة: « Hawk » الانجليزية وتعني: طائر "الباز"
أو "البرني". في حمام الأغزاز يُطلق عليها الآن اسم
"المدرّعة" (Cuirassé)
وقديما كانت تُسمّى "السكادرة" ((L’escadre. يبلغ طول هذه المدمِّرة
98.5 مترا وعرضها 10.1 مترا وترتفع عن سطح البحر 3.8 مترا. وتصل سرعتها إلى 68 كلم
في الساعة رغم أنها قادرة على حمل 1913 طنا من الأسلحة والذخيرة والمؤونة.
بدأت رحلة "هافوك" مع الحرب الأهلية الاسبانية التي انتهت سنة
1939. كما ساهمت في ملاحقة السفن الألمانية في المحيط الأطلسي في الأيام الأولى من
الحرب العالمية الثانية. ثم شاركت في "حملة النرويج" بين أفريل وجوان
1940 قبل أن تدخل إلى البحر الأبيض المتوسط لحماية مجموعة من السّفن المتّجهة إلى
مالطة. كما شاركت أيضا في معارك أخرى في اليونان ومعركتي سرت الأولى والثانية
(ديسمبر 1941- مارس 1942) وتعطبت مرات كثيرة لعلّ أكثرها خطورة هو الذي حصل يوم 3
أفريل 1942 جراء غارات جوية قامت بها قوات المحور. عندها قرر ربان السفينة: " Geoffrey Robert Gordon Watkins" أن ينتقل إلى "جبل طارق" لإصلاحها
ومتابعتها هناك. لكنّ السّفينة جنحت به يوم الاثنين 6 أفريل 1942 وعلقت برمال سيدي
منصور، وتحديدا في التموقع التالي: 36°52′18″N 11°8′24″E.
وعندما خرج
النّاجون منها (وكلهم من الانجليز) اعتقلتهم قوات الجندرمة الفرنسية التي كانت
تابعة آنذاك لحكومة "فيشي" الموالية للنّازيّين وعاملتهم معاملة سيّئة
ثم قادتهم إلى سجن "الأغواط" بالجزائر ومكثوا هناك إلى أن استرجع
الفرنسيون بلادهم من الاحتلال الألمانيّ.
وتُظهر
الصورة الثالثة أعلاه أنّ السفينة تعرضت لتفجير في مقدمتها من الأسفل. وقد أكّدت
لنا الروايات الشفوية التي يرويها لنا كبار السّنّ في حمام الأغزاز أنّ ربّان
السفينة هو الذي قام بذلك بنفسه. كما أفادوا لنا أنّ الجزء الخلفي الذي يبدو في
الصورة مستقلّا عن السفينة إنما هو مروحتها (Hélice) وقد انفصلت عن
البقيّة.
وقد استغلّ
شباب حمام الأغزاز آنذاك الفرصة للدخول إلى المدمّرة واستكشافها واستخراج ما بها
من المعدّات والأسلحة والذخيرة لاستخدامها في ما بعد في الصيد البحري وفي عمليات
مقاومة المستعمر. كما استُخرج منها الوقود بكميات كبيرة، باعتبار أنّ سعة خزّانها تصل
إلى 480 طنّا من "المازوط" كما تقول المصادر المكتوبة. ومثلت أيضا موردا
هاما للنحاس الذي كان مطلوبا في السوق السوداء آنذاك.
مزار بن حسن
المصادر:
الأرشيف الوطنيّ التّونسيّ
الصّورة أعلاه نشرتها صفحة حمّام الأغزاز وهي للسّينمائيّ الغُزّيّ: نضال بن حسين
https://www.youtube.com/watch?v=wpYtFhcfp1Y
https://en.wikipedia.org/wiki/HMS_Manchester_(15)
http://dimnaghozzya.blogspot.com/2013/08/hms-havrick-h43.html
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire