هل يحتاجُ الشّريط السّاحليّ
إلى حِراسة؟ وهل يَجبُ أنْ تعودَ بُيوتُ "العسّة"؟
أمام تزايد الانتهاكات
بأنواعها في حقّ الشّريط السّاحليّ يوميًّا، مِن تلويث وبناء فوضويّ وتحوّز غير
قانونيّ واعتداء على الآثار والمناطق الغابيّة، وأمام ما تعانيه منطقتُنا خاصّةً
من الفوضى وانعدام الأمن في كامل المجالات، كالهجرة السرّيّة والتّهريب وسرقة
المواشي وغيرها... لماذا لا نعمل على تعزيز الحراسة اليوميّة للسّواحل والغابات
والمزارع؟
الفكرة ليست مستحيلةً، خاصّةً
إذا عرفنا أنّ حراسةَ السّواحل جزء من تاريخنا المحلّيّ، فلا بأس من إعادة النّظر
إليه بعين الجِدّ.
قليبية وسواحلها كانت محروسةً
بفضل وجود البرج أوّلا، وقد سهرت على أمن المدينة في العهد التّركيّ مؤسّسةٌ
عسكريّة اسمها "نوبة البرج"، ويشرف عليها موظّف تركيّ يُسمّى "آغا
القصر" أو "آغة نوبة البرج"، مثل الآغة "شعبان بولك
باشي" الذي كان مباشرا لهذه الخطّة في قليبية في منتصف القرن الثّامن عشر.
وفي القرن التّاسع عشر أصبحت
هذه الخطّة يتولّاها "شيخ الدُّور" الذي يعيّن بنفسه الحرّاس ليلا
ونهارا، وينظّم أدوارهم وتناوبهم على "بيوت العَسّة" التي ما زالت
آثارُها باقيةً إلى الآن على امتداد الشّريط السّاحليّ.
أمّا في فترة الاستعمار
الفرنسيّ، فقد زاد الحرصُ على "العسّة"، واتّخذت الحراسة شكلا تنظيميّا
أكثرَ تطوّرا، وصدرت قوانين في ذلك، حتّى أنّ "شيخ الدّور" كان يُعلن في
منتصف كلّ ليلة نهاية السّهر بواسطة صفّارة أو عن طريق إطلاق النّار في الفضاء،
وتُسمّى تلك الإشارة "الصّاشمة"، وهي تعني ما يُعرف اليوم بـ "حظر
التّجوّل"، وهي مستمرّة على مدار السّنة في أوقات السّلم والحرب.
ومن شيوخ "العسّة" في
قليبية نذكر مثلا "عليّ بن عليّة بن الشّيخ" ونائبه "محمود بن
محمّد باكير"، وقد كانا مباشريْن لخُطّتيْهما سنة 1916 ومثلهما في حمّام
الأغزاز: "أحمد بن الحاج رحومة".
وبعد الحرب العالميّة الأولى
تولّى الخطّة في قليبية "عثمان بن أحمد النّجّار" المتوفَّى سنة 1948.
وبعد هذا التّاريخ وقع الاستغناء عن هذه الوظيفة.
مزار بن حسن
مراجع النّصّ:
كتاب عبد الرّحمان بن عبد اللّطيف
الأرشيف الوطنيّ
التّونسيّ
الصّورة: برج
قليبية في بداية الثمانينات (رؤوف قارة)